HPG

قوات الدفاع الشعبي الكردستاني

وصفت إحدى قياديات وحدات المرأة الحرة، زوزان جوليك، الشهيدة أمينة أرجيس بأنها نهر يتدفق نحو ثورة كردستان، وجددت العهد على الوفاء لذكراها.

بعد إعلان استشهاد عضوة مجلس القيادة في قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة، وعضوة القيادة المركزية لوحدات المرأة الحرة القيادية أمينة أرجيس، صرحت الرفيقة زوزان جوليك، إحدى قياديات وحدات المرأة الحرة YJA Star، بأن أمينة أرجيس كانت من النساء الثوريات اللواتي يتمتعن بشخصية ثابتة بموقفها الأيديولوجي والسياسي، وخبرتها الواسعة في الكريلاتية، وقالت: "لا شك أن موقفها الشعبوي، الدؤوب والمتواضع، إلى جانب روحها الرفاقية، أثّر بلا شك في المناطق التي زارتها، والعمل الذي قامت به، وجميع الرفاق الذين دربتهم، كما رسّخت مكانتها كامرأة ثورية".

وأشارت الرفيقة زوزان جوليك إلى أن أمينة أرجيس تحمل رومانسية الكريلا التي كانت تتمتع بها كلناز كاراتاش، إحدى رموز نضال المرأة من أجل الحرية، وقالت إنها رأت تحرير الشعوب في النضال من أجل حرية كردستان، وعلى هذا الأساس تدفقت في هذا النضال مثل النهر.

تقييمات الرفيقة زوزان جوليك هي كما يلي:

"في البداية، أستذكر رفيقتنا القيمة أمينة أرجيس، إحدى القياديات الرائدات، بكل احترام ومحبة وشوق، وأتقدم بأحر التعازي لعائلتها الكريمة.

مع أنني أجد صعوبة في الحديث عن الرفيقة أمينة، إلا أنني قلت لنفسي لاحقًا إن الرفيقة أمينة إحدى رفيقاتنا اللواتي عشنَ ودوّننَ وسردنَ تاريخَ حريتها، ابنةٌ شجاعةٌ من الأناضول، وامرأةٌ ثوريةٌ من الأناضول، حملت معاناةَ شعبها في قلبها، رافضةً غضَّ الطرف عن القضية الكردية في تركيا، مُدركةً، بهذا المعنى، معاناةَ شعبِ ونساءِ كردستان، لذا، هي كالنهرِ الذي يتدفق من الأناضول إلى نضال كردستان.

موقف الرفيقة أمينة هو خط لنا

لم تناضل الرفيقة أمينة في النضال من أجل حق الشعب الكردي، ضد الوضع الذي يعيشه الشعب الكردي والمرأة الكردية فحسب، بل ناضلت ضد وضع الذي يعيشه جميع شعوب ونساء الشرق الأوسط، وبهذا المعنى، كانت رمزاً وهويةً شكّلت هوية وشخصية ونضال وتاريخ حرية نساء الشرق الأوسط، ورأت أن تحرر الشعوب وجميع النساء يكمن في تحرر الشعب الكردي والمرأة الكردية، موقف الرفيقة أمينة هو موقف المرأة الحرة، وهو بهذا المعنى يُمثل نهجاً لنا.

وُلدت الرفيقة أمينة في قرية نوشهير، ورغم تأثر القرية بالإقطاع والدين، إلا أنها نشأت في بيئة حافظت على قيمها، وانسجمت مع الطبيعة، وحافظت على جوهرها الاجتماعي، لاحقاً، انتقلت الرفيقة أمينة إلى حياة المدينة، وهناك، على حد تعبيرها، شهدت التناقضات والصراعات بين القرية والمدينة بوضوح أكبر، حتى ذلك الحين، كانت قد شهدت مشاكل اجتماعية لكنها لم تدركها تماماً، ومع ذلك، في حياة المدينة، عاشت ورأت جميعها بشكل أكثر دراماتيكية، هنا، كانت إحدى أهم المشاكل التي رأتها هي النهج المتبع تجاه المرأة، وأدركت المشاكل الاجتماعية.

تعرفت على الآبوجيين خلال سنوات دراسته الثانوية

كانت سنوات دراستها الثانوية فترةً برزت فيها التناقضات والتحديات، مع دخولها المدرسة الثانوية، عاشت الرفيقة أمينة فترةً اتسمت بتعدد الآراء والتناقضات والصراعات، خلال هذه الفترة، تأثرت بالثورية، كانت المدرسة الثانوية هي الفترة التي واجهت فيها لأول مرة الحركات الثورية والكرد، وبهذا المعنى، عاشت خلال المرحلة الثانوية وسط تنوع الآراء والصراعات.

الرفيقة أمينة ليست بمنأى عن هذه التطورات، لقد تأثرت بالشخصيات الثورية الرائدة التي تركت بصماتها على التاريخ خلال تلك الفترة، من بينهم ماهر جايان، الذي كتبت عنه وقيّمته، تعرفت على أفكار ماهر جايان، دنيز كزميش، حسين، بالإضافة إلى تشي غيفارا لأول مرة خلال سنوات دراستها الثانوية، إذ شكلت المرحلة الثانوية أساساً في هذا الصدد.

في البيئة المدرسية، يقف قمع الدولة والمواقف الفاشية والقومية من جهة، وجماعات الشبيبة اليسارية الثورية من تركيا من جهة أخرى، والشبيبة الكردية الثورية الوطنية الآبوجية، من جهة أخرى، تُثير التناقضات والمشاكل الاجتماعية التي تواجهها الرفيقة أمينة في نفسها بحثًا، وهي نفسها لم تدخل في بحث عادي.

كانت تقول دائماً: لن أنتمي إلى رجل، أو إلى نظام... ولكن إلى أين ينبغي أن أنتمي، وما الحلم الذي ينبغي أن أسعى إليه، وأين ينبغي أن أجد نفسي... كانت تشرح أنها تفكر في هذه المسألة كثيراً.

كانت تصف كيف تبلور سعيها تدريجياً بعد لقائها بشخصيات ثورية في المدرسة الثانوية، ورغم متابعتها لجميع المجموعات، إلا أن شبيبة الثورية الوطنية الآبوجية، بمشاركتهم وموقفهم، جذبوا انتباهها أكثر من غيرهم، وكان لهم تأثير عميق عليها، فقررت الانضمام تدريجياً إلى تلك المجموعة، وهناك، تعرفت على كمال بير وحقّي قرار، وكان للفهم الذي جسّد تحرر تركيا والشعب الكردي وأخوة الشعوب في مقاومتهما ونضالهما الكردي أثرٌ بالغٌ على الرفيقة أمينة.

منذ تلك اللحظة، تجلّى ميل الرفيقة أمينة نحو الأفكار الآبوجية ونضال حزب العمال الكردستاني، وبدأ هذا الميل لأول مرة خلال سنوات دراستها الثانوية، وبدأت الرفيقة أمينة العمل ضمن المجموعة.

المشاركة والانتقال إلى ساحة القائد

بالإضافة إلى التناقضات والصراعات التي عاشتها الرفيقة أمينة خلال هذه الفترة، واجهت أيضاً صراعات شخصية، وفسرت مشاركتها من خلال اطلاعها على آراء القائد من خلال المجموعة ومراقبتها للجميع، لا ترى قرار انضمامها قراراً عاطفياً، وكانت تقول: "شاركتُ بعقلانية، لا عاطفية، كان لمواقف وحوارات وكلمات الرفاق تأثيرٌ عليّ، كما شهدتُ الأحداثَ بواقعية، وهذا أيضًا أثرَ بعمقٍ على مسعاي".

انضمت الرفيقة أمينة إلى الحزب في 14 حزيران مع مجموعة من الرفاق عبر اليونان، ثم انتقلت الرفيقة أمينة إلى ساحة القائد والتحقت بالأكاديمية في أواخر عام 1997، في تلك الفترة، التقيت الرفيقة أمينة لأول مرة.

بالطبع، أول ما لفت انتباهي كان موقفها، اهتمامها، مشاركتها، بحثها وفضولها، التقينا هناك، ومنذ ذلك الحين وحتى استشهادها، عملنا معاً في مجالات ووظائف عديدة لسنوات طويلة.

كان ساحة القائد بالغ الأهمية بالنسبة للرفيقة أمينة، وأصبح التعرّف المباشر على القائد والمشاركة المباشرة في واقعه أساسا واضحًا لنضالها، وبحماسة كبيرة وفضول وجدية، سعت الرفيقة أمينة إلى فهم حقيقة القائد والمشاركةً فيها بجدية.

كانت نهاية عام ١٩٩٧ وبداية عام ١٩٩٨ سنواتٍ تاريخيةً لنضالنا العام، وكذلك لنضال المرأة، وقد أثّرت هذه الفترة عليها تأثيراً عميقاً، وكان لنهج القائد تجاه المرأة تأثير كبير على الرفيقة أمينة، وعززها أيديولوجياً، وتلقّت إلهاماً كبيراً في النضال.

كان من بين هذه اللقاءات والنقاشات لقاءات القائد ونقاشاته مع رفيقاته، بالنسبة للرفيقة أمينة، أصبح إعلان إيديولوجية تحرير المرأة وانخراطها في هذا التاريخ، والمشاركة فيها، عمليةً أساسيةً التي اتحدت مع نضال القائد وحقيقته عاطفياً وفكرياً.

تولّت الرفيقة أمينة العديد من المسؤوليات والمهام، من مجلس حزب حرية المرأة الكردستانية (PAJK) إلى اللجنة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستاني KCK، ومن قيادة زاغروس إلى عضوية في مجلس العسكري في قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة، وشاركت في العديد من المناصب، كما خدمت الرفيقة أمينة في الإيالات وفي الساحات، واتخذت مكانةً في قلب حركتنا، فيما شغلت منصباً في القيادة المركزية لوحدات المرأة الحرة YJA Star، وأصبحت إحدى الرفيقات الرائدات اللاتي عززن بموقفهن الثقة بين رفاقها.

اختلافها كان واضحاً جداً

كانت الرفيقة أمينة هوية، موقفاً... وخط المرأة الحرة، كانت تتمتع بقوة إدراك وتفكير كبيرة، ثقافة امرأة حرة وثقافة نضال وفهمه، كانت رفيقة جسدت هذه القوة في شخصيتها، كانت شخصيتها ومشاركتها وموقفها متميزين عن بقيتنا، لم تكن الرفيقة أمينة مجرد امرأة مجرد لون، ولم تكن تنوعها لمجرد أنها تركية، كان اختلافها كامرأة وكشخص واضحاً تماماً، كانت شخصاً نابضاً بالحياة، كما كانت عقليتها وطريقة تفكيرها وأسلوبها - موقفها - خاضعة للمعطى، لا تتبع الحقائق الثابتة، لقد نظرت دائمًا من وجهات نظر مختلفة، ورأت من جوانب مختلفة، وناضلت جوانب مختلفة.

كانت حياتها على هذا المنوال، كانت دائمًا في حالة من التدفق، كانت إيجابية، وقوة تفكيرها وعاطفتها كانت جلية، كانت لدى الرفيقة أمينة روح المشاركة أرستها في شخصيتها.

كانت مزيجاً من صفات عديدة، كانت قيادية، مناضلة في آنٍ واحد، وبصفتها امرأة حرة، غرست في أفكارها ومشاعرها وأساليبها سماتٍ عديدة، بمعنى آخر، خلقت نفسها من جديد، وبهذا المعنى، فكانت بمثابة طاقةٍ تتدفق إلى الجميع، وكانت تُعدّ الرفيقة أمينة شخصيةً تتحدث عن نفسها، وفي عصرها، كانت قيادية جادة للغاية، كانت قيادية أرست نهجاً سلطوياً وجماعياً، وبفضل موقفها وأسلوبها القيادي، كانت رفيقة غرست الثقة في الجميع، لذلك، أصبحت الرفيقة أمينة قدوة لنا جميعاً بصفاته القيادية.

لم تكن راضية على ما هو موجود

عند الحاجة، كانت الرفيقة أمينة فنانة، شاعرة، ممثلة مسرحية، سينمائية، صحفية، كاتبة، أكاديمية ومعلمة، وكانت الرفيقة أمينة خلاصة كل الأشياء، عند الحاجة، كانت فيلسوفة آبوجية بارعة، كانت الرفيقة أمينة شخصية متكاملة شاركت في هذا المجال، لم تكن الرفيقة أمينة مختلفة لأنها رفيقة تركية؛ بهذه الصفات، أظهرت تميزها في الحياة والعمل، فكانت رفيقة دائمة في حالة التدفق.

كانت خلاقة، لم تكن راضية على ما هو موجود. كان هذا مرتبطًا بطبيعتها الفضولية، كانت قوية في طبعها، متواضعة، وتتخذ العقلية الجماعية أساساً لها، وتشاركها وتستجيب لمشاكل الجميع، لم تكن الرفيقة أمينة قيادية فحسب، بل كانت رفيقة درب أيضاً.

كان خيالها قوياً جداً، وبفضل فكرها وعقليتها، كانت الرفيقة أمينة مرنة في أمور الحياة، على سبيل المثال، إذا كانت تنظر إلى موقفٍ ما بتمعن، كانت تقيمه من منظور مختلف، كانت تتمتع بشخصيةٍ يرتبط جمالها الفكري بجمالها الداخلي.

كانت الرفيقة أمينة شخصيةً ودودةً، وحكيمةً، ومن هذا المنطلق، كانت مهتمة بجميع رفاقها، مُدركةً مصاعبهم مبكراً، داعمةً لهم ومُشاركةً في جهودهم في تجاوز الصعاب، أظهرت الرفيقة أمينة هذه القوة في كل ساحة سارت فيها، وعملت فيها، وخاضت فيها الكريلاتية، سواءً أكانت سياسيةً أم أيديولوجيةً أم في صفوف الكريلا، كانت تتمتع بموقف وشخصية وهوية اللازمة لتطوير نفسها، والانخراط في خطها، وخوض نضالٍ قائمٍ على خطها دون تردد.

لا يمكن التعبير عنها ببعض الحقائق فقط

بفضل طبيعتها الاجتماعية، شخصيتها الشعبية، تواضعها، حيويتها، إبداعها وحسها الفني، تركت الرفيقة أمينة أثراً عميقاً ليس فقط على الكريلا، بل أيضاَ على عامة الناس والسياسيين الذين تواصلت معهم، في كل طريق سلكته، أينما كانت، أينما عاشت، تركت بصمة لا تنسى.

وبهذا المعنى، لن يمكن وصف الرفيقة أمينة ببعض الحقائق فقط.

إن استشهاد الرفيقة أمينة خسارة كبيرة لنا، كانت من الرفيقات اللواتي جسدن شخصية متكاملة بموقفها الأيديولوجي والسياسي، بالإضافة إلى خبرتها الواسعة في الكريلاتية، بفضل طبيعتها الشعبية، اندمجت بسرعة في كل بيئة دخلتها، كانت متواضعة بطبيعتها. لكن موقفها الشعبوي، الدؤوب، والمتواضع، إلى جانب روحها الرفاقية، أثّر بلا شك في المناطق التي زارتها، والعمل الذي قامت به، وجميع الرفاق الذين دربتهم، كما رسّخت مكانتها كامرأة ثورية.

كنت أقول للرفيقة أمينة دائماً: "تتمتعين برومانسية الكريلا التي تحلت بها الرفيقة كلناز كاراتاش والرفيقة بيريتان"، يمكننا التعبير عن ذلك من خلال الأيديولوجيا والفلسفة والطبيعة والمجتمع والكريلاتية، كل هذه كانت حاضرة في شخص الرفيقة أمينة على مستوى الحب، كانت تتمتع بوعي تاريخ، المشاركة، والمسؤولية تجاه جميع الشعوب، وليس فقط تجاه الشعب الكردي، إذ تعلمت الرفيقة أمينة اللغة الكردية وتحدثتها أفضل بكثير منا، في البرامج العديدة التي حضرتها، مع جميع رفاقها، وفي جميع الدورات الأكاديمية التي درّستها، كانت رفيقة تشاركنا اهتمامًا كبيرًا باللغات والهويات، لذلك، كانت تتمتع بشخصية وموقف ملتزمين بنضال الشعوب والنساء، لقد قدمت مساهمات قيّمة ولا تُقدر بثمن.

كان استشهاد الرفيقة أمينة خسارةً كبيرةً ليس فقط لقواتنا في صفوف وحدات المرأة الحرة، بل لجميع قواتنا العامة، نستذكر الرفيقة أمينة مجددًا بكل احترام وامتنان، ونجدد عهد الوفاء لذكراها.